أصدقاء القصة السورية  

الصفحة الرئيسية / خريطة الموقع / بحث / ضيوفنا / الكاتب / سجل الزوار / الثورة السورية 2011

 

 

 

 / أغاني وأشعار لآية / أعياد ميلاد آية / صور آية / الكتاب الذهبي

الرواية / القصة / المسرح / الشعر / الخاطرة / أدب الرسائل / المقالة / حكايات آية

 

 

السابق أعلى التالي

التعديل الأخير: 05-08-10

       

ضيوفنا - قصص قصيرة

       
صداقة وحماقة عطلة وخيبة خطوة وقطة

الحلم

       
       
       
       
       

بقلم: ديانا الراشد

 
 

 

 

 

 

الحلم

 

 

مقدمة:

عندما يقول الكاتب: ائتلاف روحين، وانسجام عاطفتين، وتشابه طبعين، ونقاء ضميرين، فماذا يعني بذلك؟ ومن هاتان الروحان؟ العاطفتان؟ الطبعان؟ والضميران؟ أنهما شاب صادق وفتاة مخلصة، التقى قلباهما في ذات الشيء، نعمة وضعها الله تبارك وتعالى في قلب كل شاب وكل فتاة، نعمة تعرفنا معنى التسامح مع الآخرين، تعرفنا معنى الإخلاص، معنى الوفاء! ألا وهي: الحب!

 

***

 

  خرجا سوية عند ظهور أول خيط من خيوط الشمس، وقد ولج غرفتها ليوقظها ويذكرها بموعدها مع حبيبها في مفاتن هذه الطبيعة الخلابة.

  هي وقد فتحت النافذة التي تعكس لون الطبيعة السندسي، ونسمات الهواء تداعب وجنتيها الورديتين، وتلاعب خصلات شعرها الخرنوبية، والشمس ترسل أشعتها الذهبية، فيزداد بريق عينيها الواسعتين جمالا، تبتسم بشفتيها الحمراوين مرحبة بذلك الجو الصحو الذي سيجمعها معه في هذا اليوم الجميل.

 

  هو وقد أيقظه عبق الأزهار، وتغريد الطيور، والنسيم الرقيق يلاعب شعره الأسود، ويبعده عن عينيه الكحيلتين ليكشف عن جمال لونهما العسلي، وذيل قطته البيضاء بياض الثلج تدغدغه كي تكشف عن شفتيه الرفيقتين كصفدة ليبدو اللؤلؤ في جوفها من خلال ابتسامتة الجميلة، فينهض لاستقبالها بأبهى زينة وأحلى حلة.

 

   ارتمت على البساط الأخضر تتأمل السماء الصافية والغيوم البيضاء كقطع القطن المندوف فيها، تتأمل الطبيعة الجميلة بين تغريد العصافير الطربة، والبلابل المدندنة على أغصان الأشجار. وإذا بشاب طويل يحجب عنها نور الشمس ليلقي عليها بنور أروع؛ ألا وهو نور حبيبها.

 

  يلتقط يدها الناعمة، يسحبها نحوه، يجوسان الحقول الضاحكة بين الأشجار الباسمة، والأزهار المزهوة، ليلوذا بهذه الخمائل الخلابة.

 

  وخلال سيرهما بدفء الشمس، يطالعهما مشهد رائع لبحر من زهور وورود بألوان الطيف، فيقطف لها زهرة حمراء جميلة، ويضعها بيديه السمراوين برقة بين خصل شعرها الخرنوبية، ويكملان طريقهما من خلال جدول رقراق منساب، يصب فيه شلال من أعلى القبة الخضراء، وقد علاها قوس قزح بألوانه السبعة الجميلة.

 

  يلتقط بيده السمراء الجميلة يدها البيضاء الناعمة، فتقفز فوق الجدول إلى الضفة الأخرى.

 

  كانت الشمس قد مالت إلى المغيب، وتركت آخر خيط من أشعتها ينفذ من خلال الغيوم البيضاء المحمرة، ومنها إلى الشجرة السامقة التي كانا يستلقيان تحتها، فتخلخلت بقايا الأشعة من خلال أوراق الشجرة الخضراء، فيقوما ويقفا أمام النجم الناعس، ويودعا بعضاهما عن طريق النظرات الجميلة المتبادلة، وتعود إلى بيتها، وتلقي آخر نظرة من نافذتها على البدر المستدير الذي يضيء بنوره الفضي القرية بأكملها، وكما استقبلت الصباح بابتسامة جميلة، ودعته بها. وكذلك الحال معه، ودع يومه الجميل بابتسامة كما استقبله، وأغلق عينيه العسليتين الكحيلتين، حالما بأيامه بأن تكون بمثل دفء هذا اليوم.

-----------------------------------------

ديانا الراشد عمان في 15 / 09 / 2004 

 خطوة وقطة

           

حان وقت النوم قالها الأب وهو يضع ابنته في السرير تحت غطائها الوثير طابعا على وجنتيها قبلاته المعتادة قبل أن يتركها لشؤونه الخاصة

لم تمضي دقائق قليلة حتى دخلت والدتها لتتفقدها كالعادة فوجدتها تغالب النعاس وهي تضم لعبتها المفضلة إليها فجلست بقربها وأخذت تمسح على رأسها وتتأملها وهي فرحة جدا بها، لم لا وقد كانت تلك الابنة طفلتها البكر التي تنجبها بعد زواجها المبكر وهي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها بعد، خاصة وأنها تقيم مع زوجها بعيدة عن والدتها وإخوتها وأصدقائها وأقاربها، فكانت هي من تؤنس وحدتها وتسلها في غربتها  وكانت تعتبرها كلعبة لديها،.....!؟     

 * * *

في اليوم التالي وبعد أن تناول الأب طعام الإفطار وذهب إلى عمله، استيقظت الطفلة الصغيرة نور فأطعمتها والدتها  وغيرت لها ملابسها ووضعتها على الأرض، وأمامها بعض الألعاب، ريثما تنجز أعمالها المنزلية المعتادة،  وكانت تتبعها من خلال الأصوات التي تصدرها عادة وهي تلعب،...وبعد قليل اختفى صوتها... (أين هي؟) تساءلت والدتها... (ولماذا لم اعد اسمع صوتها ...؟) وبدأت الأفكار السوداء تراودها (ربما ابتلعت لعبة صغيرة فاختنقت بها ...؟) فتركت عملها وهرعت إلى غرفة الجلوس حيث تركتها لتتفقدها فلم تجدها ...؟  فانخطف لونها في حين سمعت ضحكات نور من غرفة النوم، فرأتها تزحف محاولة التقاط الكرة التي كانت تسرع في الهرب منها

فذهلت والدتها مما رأت، فنور أول ابنة لها تزحف  ولكنها لا تزحف  ككل الأطفال، بل تزحف وهي جالسة؛ تجلس على الأرض وتدفع بجسدها الصغير بيدها كي تتنقل في أرجاء البيت

 

 * * *

 

أصبحت نور كل يوم تختفي عن الأنظار، فتبحث عنها والدتها، فمرة تجدها في غرفة النوم وراء السرير، ومرة في غرفة الجلوس تحاول الدخول وراء التلفاز، ومرة في غرفة استقبال الضيوف تجابه الزُّهرية التي ستقع فوقها، فاضطرت والدتها إلى إغلاق الأبواب جميعها، وإزالة كل شيء عن الأرض يعرضها للخطر

ومع ذلك لم يطمئن قلبها، فقد رأتها مرة وهي تزحف نحو باب الغرفة وتحاول الوقوف، حتى وقفت، وأمسكت بيد الباب لفتحه، فسرت والدتها، وأصبحت كلما حل الليل وجاء والدها، توقفها على الأرض متمسكة بالكنبة، ثم تعلمها المشي جانبيا، حتى أصبحت تقف بمفردها لتمشي، ويديها الصغيرتين متعلقتان بقماش الكنبة الطري

فجأة دق الباب.؟

سلمى: أنا قادمة.. أهلا زوجة عمي تفضلي..

الجدة: كيف حالك.. ها... نور... إنها واقفة منذ متى؟...

سلمى: لقد تعلمت الوقوف والمشي منذ أيام قليلة...

الجدة وهي تحملها وتضعها على الأرض أمامها: وتمشي أيضا؟!..هيا.. تعالي إلي...

سلمى: لا إنها تمشي بمساعدة الكنبة، لا تمشي لوحدها أبدا...

الجدة: ألم تعلميها المشي بمفردها؟ انظري كيف..

وضعت الجدة نور بعيدة عنها نصف متر وجعلتها تقف وأمسكت يديها وسحبتها برفق إليها، ونور تمشي باتجاه جدتها.

 الجدة: أرأيت يا سلمى، تعلميها المشي هكذا، وبعد فترة دعيها تأتي إليك بمفردها... عاد الأب وأسرع إلى أمه يقبل يديها: كيف حالك أمي وكيف والدي الآن؟...

والدته: في أحسن حال إن شاء الله...

بسام يأخذ نور من أمه ويقبلها

الجدة: أرأيت أصبحت تمشي...  لقد علمتها المشي لوحدها اليوم، وعلى سلمى متابعتها أيضا، والآن قد اطمأننت عليكم سأصعد إلى المنزل فوالدك يضجر لوحده... وعلي أن أطعم القطة أيضا. لقد بحثت عنها اليوم ولم أجدها.؟!

 فلقد كان لديها قطة جذابة تسميها ( العبدة ) تحبها كثيرا، والعبدة لا تطمئن إلا للجدة، فكانت تطعمها وتسقيها الحليب،

 

بعد قليل ذهبت نور إلى غرفة أمها وأخذت تتجول فيها، نظرت تحت السرير المظلم، فرأت ضوءان صغيران يقتربان منها.. أكثر.. فأكثر.. ضحكت.. وضعت يدها على الشعر.. قالت: قطة... تعجبت سلمى من الصوت فلم تستطع إقناع نفسها بأنها نور، فأرادت أن تتأكد، دخلت غرفة الجلوس لم تجدها، أخذت تنادي عليها،  ضحكت نور ضحكة عالية عرفت سلمى أنها في غرفتها، دخلت الغرفة فرأت نور تلعب مع قطة صغيرة فخافت كثيرا، نادت على نور: نور.. حبيبتي.. تعالي... نظرت نور إلى أمها ثم عاودت اللعب مع القطة، تربطت يدا سلمى، لم تعرف ما تفعل، أتذهب وتبعد القطة عن ابنتها، أم.. أم.. ماذا تفعل؟.. ارتدت ملابس الصلاة وأخذت تركض إلى حماتها فهي تعشق القطط، وقالت: خالتي يوجد قطة في المنزل وإني أخاف أن تؤذي نور. نزلت الجدة وسلمى إلى البيت ودخلتا الغرفة، ابتسمت الجدة وحملت القطة الصغيرة وقالت: أنظري كم هي جميلة، أتخافين من هذه القطة الصغيرة.. إنها حديثة الولادة... في حين كانت نور تبكي تريد القطة ثم نظرت تحت السرير مرة أخرى وضحكت؛ فقد خرجت قطة صغيرة أخرى... تعجبت الجدة من الأمر.. ثم تذكرت أن قطتها ( العبدة ) حامل وهي مختفية منذ الصباح وقالت: سلمى أحضري لي مصباحا صغيرا... فتحت المصباح  ويا للهول مما رأت!؟.. فحيوانها الأليف أسفل السرير وحوله أولاده الخمسة، فأخرجت الجدة القطط وأخذت تنظر إليها بشغف ثم حملت ( العبدة ) وهي تمعن النظر فيها، وقد تتغرغرت دمعة في عينها وانزلقت حتى سقطت على رأس الحيوان المرهق، ثم أخذتهم ووضعتهم جميعا في غرفة الغسيل المغلقة على السطح، وأصبحت تطعمهم وتعتني بهم.

عطلة وخيبة

 

 

                                                                      

كان صباحها الأول وليلتها الأولى في بيت جدتها وأول أيام عطلتها بعد يوم من السفر المضني 

فتحت عيناها غير مصدقة لتجد ابنة خالتها وصديقة طفولتها تقف أمامها فصاحت فرحة: لين، متى أتيت

لين: الآن يا خوته، كيف حالك اشتقت لك كثيرا

نور: وأنا أيضا انتظريني فقط حتى أغسل وجهي وأبدل ملابسي

لين: لا، ارجعي إلى النوم، فنحن الآن ذاهبون، ثم إن والدي يجلس في الخارج لن تستطيعي الخروج وليس معك الحجاب الآن.!

نور: لماذا أنتم ذاهبون، وإلى أين.؟

لين: لقد دعانا جدي وجدتي والدا أبي على الغداء اليوم، والجيد من أبي أنه رضي بمرورنا لنسلم عليكم ونشرب القهوة معكم، ولكننا سننام هنا اطمئني ثم تابعت

 لين: أتعرفين من سيأتي بعد خلال أيام؟ سيأتي خال أمنا  يامن من أوروبا

صاحت نور فرحة: هل أنت جادة، ومن قال لك

لين: أمي تراسله دائما على الانترنت، وقبل خروجنا من السعودية أخبرها بأنه سيأتي إلى سوريا هذا السنة فكما تعلمين فهو غاب عنها وعن أهله لأكثر من ثلاث سنوات متتالية، وآن له أن يعود الآن... وبدأت لين بتذكير نور بالمواقف الجميلة التي حصلت قبل أربع سنوات مع أولاد الخال يامن أمير وعمرو، وأخويهم الصغيرين أوس ومجد، فالخال يامن لديه مزرعة فيها مسبح وألعاب تسلية والأشجار في كل اتجاه ومن فوقهم عناقيد العنب.

لين: أتذكرين عندما تخاصمنا مع أمير وعمرو وأحمد وربيع ولدي خالتك ريما، فكونا فريقين أنا وأنت وميسم ودينا والفريق الآخر من أمير وعمرو وأحمد وربيع، فذهبنا إلى المشتل وجمعنا اللوز الساقط على الأرض وقمنا برميه عليهم

نور: نعم، وعندها خانتنا ميسم وانضمت إليهم بحجة أنها أشفقت عليهم

لين: وبقينا لا نتحدث معهم أكثر من أسبوع إلى أن جاء يوم وخانهم عمرو فعندما كنا في بيت جدتي كنت أنا في المطبخ فجاء إلي عمرو وطلب مني أن أصنع له شطيرة من الزعتر، فصنعتها له على أن ينضم إلينا ولم تطل فترة انضمامه لأنه في نفس اليوم ذهبنا إليهم وصالحناهم

نور: وكان أمير يأخذنا أنا وزهرة إلى المشتل ويكسر لنا اللوز ويطعمنا إياه، كم اشتقت لهم، كيف أصبحوا الآن يا ترى؟ هل تغيروا كثيرا عن ذي قبل؟ أوتارهم يتكلمون العربية أم لا يجيدون سوى الفرنسية؟ ماذا سنفعل حيالهم إذا كانوا لا يعرفون العربية؟ كيف سنحاورهم ونذكرهم في المواقف الجميلة الماضية

لين: كل هذه الأسئلة مرة واحدة انتظري خمسة أيام وستعرفين الجواب لوحدك والآن هيا علي الذهاب فوالدي ينتظرني...

                                    * * *                                           

                                 

وفي اليوم التالي استيقظت نور فجأة الساعة السابعة فسمعت صوت رجل في الخارج، نظرت من الباب فإذا هو خالها يامن، فرحت كثيرا وأيقظت لين

قائلة: لين انهضي

لم تنهض كعادتها

فقالت نور: لين انهضي.. استيقظي خالي يامن هنا... قفزت لين من السرير وقالت: خالي يامن أين.. أين هو

نور: إنه في الخارج يجلس في غرفة الجلوس مع جدتي وخوالي

لين: ابعدي لي قليلا أريد أن أراه، كم هو وسيم

نور: أرأيت إنه لم يتغير ليصبح مسنا وعجوزا بل أصبح شابا أكثر من ذي قبل

لين: ولكن أين أولاده؟ إني لا أرى أحدا منهم، أتراه لم يحضرهم معه

نور: لا تقولي هذا، فأنا لا أتصور نفسي أني لن أراهم، على ما يبدو أنه تركهم في المزرعة

لين: هيا لنذهب ونسلم عليه

نور: ونحن في ثياب النوم

نور: لا بأس هيا... خرجت لين وسلمت على خالها يامن، ولكن نور خجلت وترددت أكثر من مرة للخروج إليه، ولكنها استجمعت قواها وتشجعت وخرجت وسلمت عليه، ثم بدلت ملابسها وسرحت شعرها وهي تتساءل: أين أولاده؟ أيعقل أن لا نراهم هذه السنة.؟!

نوروهي تتحدث إلى لين: أرجو أنهم في المزرعة نائمون هذا ما فهمته من خالي أنهم وصلوا البارحة ليلا وبقوا إلى الساعة السابعة يرتبون منزلهم حتى يناموا، ومذ أن انتهوا ناموا وهم تعبون، وجاء خالي مباشرة إلينا

الجدة داخلة المطبخ: ماذا تفعلان أنتما الاثنتان هنا، هيا رتبا معي المنزل، لقد ذهب خالكما يامن إلى المزرعة وذهب معه أخوالكم الخمسة لمساعدته في تنظيفها من الخارج، وسيحضرون أولاده الأربعة معهم، هيا رتبا لاستقبالهم ألا يكفي دخل يامن والبيت غير مرتب هيا

شهقت لين مرة واحدة قائلة: انظري نور، أولاده الأربعة.. أي أنهم هنا، في حمص، هيا لاستقبالهم هيا

بدأت الفتيات بترتيب البيت

قالت دلع: اسمعي إنه صوت سيارة خالي مازن

دينا: ها قد جاؤوا... خرجت الفتيات إلى الشرفة ينظرن إلى السيارة وإذ نزل منها شاب طويل سمين قليلا شعره أشقر يلمع مع أشعة الشمس كالذهب

فقالت دلع: انظرن إنه عمرو أليس كذلك

فدخلت لين ونور وزهرة بسرعة إلى الداخل

قالت زهرة: لقد رآنا بدون حجاب

نور: كفاك حديثا وهيا لندخل ونرتدي الحجاب...

لين: هيا يا نور مضت عشر دقائق على مجيئهم وأنت تضعين الحجاب...

 نور: انتظري قليلا

لين: هيا سأخرج لو حدي الآن

نور: لا أرجوك انتظريني فإن خرجت لوحدك لن أخرج أنا أبدا، ها قد انتهيت... أمسكت نور بقميص لين من الخلف وخرجتا معا وكان عمرو يجلس أمام باب الغرفة مباشرة

فقالتا له: الحمد لله على السلامة... فهز عمرو برأسه، تعجبت الفتاتان من تصرفه ولكن سرعان ما وجدتا نفسيهما أمام أمير الذي كان يتحدث

فقالتا له: الحمد لله على السلامة

فرد وقال: الله يسلمك...

دخلتا إلى المطبخ وجلستا

قالت لين: لماذا عمرو لم يرد سلامنا هز برأسه هزا فقط، وأمير رده

نور: نعم، أرأيته لم يتحدث ولا بكلمة واحدة وأمير أقام ضجة بحديثه... دخلت بسمة المطبخ

لين: خالتي خالتي تعالي واجلسي قليلا

بسمة: ماذا تريدان

لين: أريد أن أسألك لماذا عندما سلمنا على عمرو لم يرد السلام هز برأسه فقط، ولكن أميرا رده

نور: نعم إنه لا يتحدث مطلقا وأمير سبق لين بالثرثرة

لين: اصمتي لم يسبقني بشيء، هيا خالتي أجيبي على سؤالي

بسمة: عمرو لأنه عاش معظم حياته في أوروبا فهو نسي العربية قليلا، وأما سبب أن أميرا أجابكما فهذا لأنه أكبر من عمرو وسريع البديهة، فتذكر عبارة رد السلام بسرعة، وعمرو مع أنه ذكي لكنه أصغر سنا من أمير، فلم يتذكر بسرعة هذه العبارة، والآن اخرجا إليهم فإنكما لم تروهم

نور تقول في نفسها: هذا جيد، إذا سيتذكرني وسيتذكر كيف كان يكسر اللوز ويطعمني إياه بيده.. من تحتنا العشب الأخضر وحولنا كله أشجار

لين: أين شردت هيا لنذهب إليهم..خرجتا وجلستا وجلست نور أمام أمير مباشرة، وأخذت تنظر إليه وهو يتحدث بشغف عن الذي حصل معهم في بلدهم، ثم نظرت إلى عمرو لا يتحدث يستمع فقط، حاولت لين أن تحدث مجدَ قليلا ولكنها لم تستطع لأنه لم يفهم عليها، وكذلك الحال مع أوس، فهما لا يتكلمان إلا الفرنسية

 

نكشت لين نور وقالت لها: إنه يخجلنا الأفضل أن أذهب... وما إن أكملت حديثها حتى خرجت من الغرفة وبقيت نور خجلة، تريد أن تقوم وتلحق بلين، وإذا بقيت لا تعرف ماذا تفعل وأمير وعمرو ينظران إليها، فأنقذتها جدتها وهي تنادي: لين دلع دينا نور زهرة هيا ساعدنني في تحضير المائدة.

                                            * * *                                        

وفي المساء خرجت نور إلى الشرفة وجلست تنتظر أخوالها وعندما تأخروا بالحضور قامت ودخلت الغرفة وهي ترفع الغطاء عن رأسها كي تنام فكرت: لماذا أنا أنانية؟ ثم إنني انتظرت أربع سنوات كي يأتي خالي يامن وأولاده وعندما جاءوا أصبحت لا أريدهم.. منذ أربع سنوات كنا سوية وكنت أحبهم، مع أنني كنت صغيرة، وحتى بعدما كبرت وأصبحت في سن المراهقة حيث تتغير مشاعري وأحاسيسي، في كل سنة من هذه السنوات الأربع قدمت فيها إلى سوريا كنت أنتظرهم ولم يأتون، لماذا عندما أتوا هذه السنة رفضتهم، ألانهم أخذوا مني أخوالي، سامحني يا خالي وأنت أيضا يا أمير على الذي قلته عنك، إنني بحاجة لأحد كي أقول له ما يشغلني، لين هي حافظة أسراري ولكن لماذا أخاف أن أتحدث معها بهذا الموضوع، لقد حدثتها عن كل شيء في حياتي، عن جميع الناس التي تعرفت عليها، عن كل مشاكلي، ولكنني أخاف أن أتحدث معها بهذا الموضوع...

تساءلت نور وهي تحاول أن تغفو عن هذا التناقض العجيب في أفكارها وكيف يرغب الإنسان بما يحب وهو بعيد ويرفضه عندما يحصل عليه وابتسمت وهي تغمض عينيها هكذا هي الحياة إذا.!

صداقة وحماقة

 

ذهبت نور إلى مدرستها الجديدة وهي مضطربة، خائفة من أساتذتها الجدد، والفتيات اللاتي ستصبحن صديقات لها، وفي نفس الوقت فرحة مسرورة، والابتهاج يملأ قلبها لما ستتلقاه من علم، وكان حلمها أن تأخذ العلامات العالية وتدخل في اختصاص يشرفها وعائلتها

دخلت نور إلى باحة المدرسة، فالتأمت حولها فتاتان لطيفتان

فقالتا: أهلا بك في مدرستنا، ما اسمك

فأجابتهما مرتبكة: اسمي نور

فقالت الأولى: أنا اسمي ميس

والأخرى: وأنا عبير، تفضلي للانضمام إلينا إذا أحببت

وفي أثناء تقديم كل منهن للأخرى قدمت عليهن فتاة واسمها دانا وهي فتاة هادئة لطيفة لا تُتحَدِّثُ إلا إذا سُئِلت وجلست بجانبها

 

مر اليوم كله ونور جالسة لوحدها، لان دانا قليلة الكلام،

 

أما ميس فهي وكالعادة تتكلم بعصبية شديدة ولم يمر النهار دون أن تنتبه نور بان لكل من الفتيات اللواتي التقت بهن وتعرفت إليهن عقدة، وأولهن عبير، فهي تكره أباها وتحقد عليه لأنه ملحد.!

 تقول عبير: يعتقد أنه لا أحد أكبر منه، لا يؤمن بأي رب، ويخرج مع فتيات أمام زوجته ولا يبالي... وأثناء حديثها كانت تدعو عليه: فليأخذه ربي... لدرجة أنها قالت: عندما يموت أبي يوم عزائه سأضع له الأغنية التي يحبها وأرقص عليها... قالتها وقد تغرغر الدمع في عينيها، نظرت نور إليها متألمة، حزنت لحزن صديقتها، أحبت من كل قلبها مساعدتها، ولكنها فكرت وفكرت ولم تعرف ماذا تفعل لتهون عليها

* * *

... عادت نور إلى المنزل، وأخبرت أمها عن عبير

 فقالت والدتها: ادعي لصديقتك بالصبر، وادعي لوالدها بالهداية، وقولي لها بأن لا تدعو على أباها، بل تدعو له بالهداية كي يحسن معاملتهم... فكرت نور في كلام أمها وكانت متفائلة بالخير وقررت مساعدة صديقتها غدا

استيقظت نور متحمسة فارتدت ملابسها وعندما وصلت بحثت عن عبير حتى وجدتها، وأخبرتها بالذي قالته لها أمها، ولكنها تفاجأن بجوابها وهي تقول: هه، أدعو له بالهداية، حتى لو دعوت له بذلك فهو لن يتغير ولن يهتدي، ومع هذا لن أدعو له إلا بالموت، لأنه لا يليق به إلا الموت، شعرت نور بالأسى تجاه صديقتها وباليأس لعدم استطاعتها مساعدتها... واستغربت من أن يصل الكره بمن نحب حد التمني له بالموت.

         

إضافة تعليق

الصفحة الرئيسية | الرواية | القصة | المسرح | الشعر | الخاطرة | أدب الرسائل | المقالة | حكايات آية

للاتصال بنا

Genève - Suisse جنيف - سويسرا © 2020 Almouhytte حقوق النشر محفوظة لموقع المحيط للأدب