Date : 04/16/07 10:55:41 De: saleh razzouk
من خلال قراءة عامة لكتابات
الأستاذ الفاضل يحيى الصوفي، بمقدورنا أن نلاحظ اهتماماته "المزيفة" باللغة.
وأقصد بذلك أن بنيته الذهنية تمحض اللغة أهمية من خارج سياقها، وهذا يضع الحوار
في علاقة مشبوهة مع الوصف أو حتى الموضوع. إن مجال المصالحة بين العقل المحض
والأداتي ليست واردة، لذلك كانت معظم صوره غامضة من ناحية تعريفها في الذهن
وشديدة الصلة بالخطوط التي تنتمي للتجربة. وهذا يضغط دائما لمصلحة خطاب
اصطلاحي، مع أنه ذو قيمة أخلاقية تمس مسائل الضمير والوجدان فهو ذو صلة بنظام
سبقه في الوجود وفي التعرّف.
وبلغة أوضح: إن يحيى الصوفي
يتقاطع بين أمنياته وظروفه. أعتقد أن الملجأ الوحيد له كان يتمثل في الانسحاب
بجروحه من الحياة ومن النص كذلك. وقد وظف لتحقيق هذا عدة أساليب معروفة.
أولا: القلم الرومنسي، وذلك لا
يدل أنه يتبنى الرومنسية كـ "ماكينة" لاستيراد أو إنتاج الأفكار، ولكنه يمنحها
قيمة "إطار" مفردات مشبوبة بالعاطفة وتنتمي إلى مجالات القلب الحزين (وعلى فكرة
هو لم يوسع ذلك إلى حدود أية أطروحة تراجيدية، أو فاجع حول المصير) ثم سياق
اجتماعي محبط بسبب قيود تفرّق بين الإنسان وأهدافه، كما يحصل لدى أتباع المدرسة
الرومانسية حيث تفرّق الظروف بين الأحبة وموضوعاتهم ( قارن مع خليل الهنداوي في
دمعة صلاح لدين).
وهذا قد ينمو إلى صورة صراع بين
الوجدان والعاطفة، أو الواجب والضمير.
ثانيا: الحوار.
وأعتقد أن
مسرحياته هي عبارة عن قصص أو روايات مختصرة (نوفيلا) الغرض منها إطلاق العصفورة
من وراء القضبان.
إن أفكار الأستاذ الصوفي دائما في
مرحلة من القلق والشك و أحيانا النميمة. بمعنى أنها فضائحية، وهي لا تستهدف غير
ذاتها، لذلك كانت الدراما دائما قادرة على الصعود إلى المنصة وإلقاء ظلها على
ستارة الواقع، ولها تعزى أسباب الحوار الفعلي. إنها مونولوجيه وذات إيقاع واحد،
ولكنها ذات مغزى ورسالة. وباختصار لها أجنحة فنية تذكر بتيار الشعور ومغامرته
مع الإنسان الحائر والمهزوم والذي عكف على تطهير نكباته.
وأخيرا: أدب الرحلات. أو ربما
أدبيات السياحة. إن علاقة النصوص التي وصف فيها تنقلاته بين "الأمصار" كانت على
شاكلة مقدمة لما سلف، وليس لما سيأتي. وهذا دليل آخر على تعامله مع منظومة
أفكار ومع صور لها خلفيات ثابتة في الذهن. لا شك أن لدى الأستاذ يحيى الصوفي
تجربة جديرة بالتعبير عنها فنيا.
إن "اللغة" أولا وأخيرا هي "أدب"
الحياة كما يقول أستاذنا ورائد الرواية والمسرح العربي "توفيق الحكيم". ومن غير
اللغة لن تكون لدينا قدرة على الحياة نفسها.
صالح الرزوق - 2007
|