عمر -احمد
ياسين-
المختار
شيخ المجاهدين
هل من الممكن أن
تجتمع النكبات والمصائب على امة كما اجتمعت عليها في امتنا العربية
؟ لدرجة أصبحت معها تلك المصائب دواء لعلاج إدمان أصبنا به ونحتاجه
بين الفينة والأخرى حتى نستطيع أن نستمر بحياتنا الطبيعية دون أن
نصاب بالخجل أو العار مما يواجهنا، ! خاصة من نظرات الآخرين إلينا
من الأمم والشعوب الأخرى وكأننا حثالة، متطفلون على الحضارة والقيم
والإنسانية ويجب القضاء علينا والانتهاء منا بأي طريقة كانت !!!!
فالأعراف تبدلت
وكذلك لعبة الأمم، وأسماء الأشياء تغيرت وحتى أصوات البشر، غرر بها
واعتبروا طلب الحرية لشعب يقبع تحت الظلم منذ زمن مسألة لا تحتاج
أبدا للنظر ؟؟؟!
فلا مكان في عالم اليوم إلا للتجارة العالمية بالبترول، بالذهب،
بالألماس، بالحرير أو السيارات والبلاستيك أو الشجر، بل قل حتى
الحجر. ولم يبقى بعد تجارة اللحوم البيضاء
(الدعارة) وأعضاء الأطفال من البشر، إلا البقية الباقية من أمة
تلفظ أنفاسها الأخيرة ولا أسف عليها ولا من خبر !!! ...وكدنا أن
نستسلم نحن الفتاة من مثقفين الأمة العربية لو لم تنزل علينا أخبار
الجريمة البشعة ضد شيخنا احمد ياسين لتوقظ في النفوس بعض من حماسة
ونشوة وبعض من أمل،
وبالرغم من إنني
كغيري قد انتابني شيء من الإحباط والخذلان من ردود الفعل الرسمية
على ما حصل، فسرعان ما سرت في أوصالي قشعريرة حملتها هذه الجرعة
الكبيرة من الألم لتشحذ الهمة وتفتح بصيرتي على جوانب أخرى مضيئة
من هذه التضحية وهذه الشهادة والتي ستنير دروبنا المعتمة لسنين
طويلة نزداد بها فخرا وقوة، طبعا استشهاد شيخنا ومجاهدنا الكبير
احمد ياسين - والطريقة التي تمت بها ببشاعتها التي يدمى لها جبين
الإنسانية جمعاء وهي وصمة عار في تاريخها،- تعيدنا إلى ذاك السيل
من الشهداء الأبرار الذين قضوا على يد جلاديهم بلا رحمة،؟ ومشهد
استشهاد شيخنا الجليل كان يعيدني إلى الخلف ردحا من الزمن حيث كان
يقف شيخ أخر أمام مشنقته وجلاديه بشموخ وكبرياء ألا وهو مجاهدنا
الكبير عمر المختار. وأراني أقف حائرا لتشابه القاتل والضحية، برغم
اختلاف الزمان والمكان،...!!! وكنت وعندما اقرأ بطولة وعناد ذلك
الشيخ المناضل لطلبه الاستقلال أو الموت دونه شهيدا - على أن
يستسلم لشروط أعدائه - أتمنى لو أنني انتميت لذلك الزمان رغم مشقته
وأكون شاهدا ومعاصرا لأبطال لم يغادروا قبل أن يتركوا رسالة خطت
بدمائهم الطاهرة مليئة بالعزة والكبرياء والإيمان، على أن أعيش
زمنا أضحت به تلك العبارات البليغة ترف لطبقة المثقفين الصعاليك
يستخدمونها ليحركوا بعضا من الحماسة الضائعة في امة ومع أجيال تركض
لاهثة خلف الرغبات الوضيعة والرخيصة السهلة والتي تؤمنها لهم بكرم
وسخاء الفضائيات ضمن برامجها وكأنهم قد وصلوا إلى قمة الحضارة وقد
آن لهم قطاف ثمن تعب سنيهم في تأسيسها ؟؟؟ !!! ( ليكتشفوا بعد ذلك
بأنهم قد حلوا بكوكب آخر غير كوكبهم وبان ما يقومون به ويلهثون
خلفه هو حق لشعوب أخرى وحضارات أخرى لا يملكون منها شيئا ؟؟؟ !!!
).
أقول كنت أتمنى ذلك
العصر عن هذا العصر حتى جاء استشهاد شيخنا المناضل احمد ياسين
ليوقظني من سباتي ويفتح عيوني على زمن رغم رداءته يحوي بين جنباه
أبطال عظام يتمنى كل واحد على ظهر البسيطة أن يكون شاهدا على
نضالهم ومعاشرا لبطولتهم،.... وبأنه ستأتي بلا شك أجيال أخرى بعدي
لتقرأ التاريخ وتتصفح تلك اللحظات العظيمة من نضال شيوخنا وتتغنى
ببأسهم وعزيمتهم وإيمانهم وتتمنى ما كنت أتمناه وقد تكون - وهذا ما
أمله وارجوه - قاطفة لنصر شيوخنا ومجاهدينا ومعاصرة لزمن الحرية
والاستقلال والرفاهية والتي ما كانوا لينعموا بها دون تضحياتهم.؟
أقول ما أشبه اليوم
بالبارحة، وما أشبه شيوخنا المجاهدين المعاصرين بقدمائهم، وما أشبه
شهدائنا في الأمس واليوم، وكم هي عزيزة دمائهم الطاهرة، وكم هي
كبيرة ومفزعة للأعداء عزيمتهم، وكم نحن صغار دون بطولتهم، دون
تضحياتهم، دون مآثرهم، وان كبرنا فبفضلهم هم، وعندما سيكتب التاريخ
لن يذكر إلا أولئك الذين فضلوا الشهادة على أن يسكتوا عن الظلم،
وبأنهم وحدهم الذين يستحقون وسام الشرف في دفاعهم عن عزة الأمة،
والشكر والامتنان والتقدير على منحنا الحياة بكرامة لا أحد غيرهم.
---------------------------------------------
يحيى الصوفي / جنيف في 22 /03 / 2004
كتبت هذه المقالة تأثرا باستشهاد شيخنا المجاهد احمد ياسين على يد
الجزار شارون
في غزة صباح هذا اليوم في 22/03/2004
|